فصل: تفسير الآية رقم (36):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (35):

{ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)}
{آيَاتِ} {الحياة}
(35)- ويُقالُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّقريعِ والتَّوبيخِ: إِنَّ الذِي حَلَّ بِكُمْ مِنْ عِذَابِ اللهِ إِنَّما سَبَبُهُ أَنَّكُم اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ مَوْضُوعاً لِلْهُزْءِ والسَّخْريَةِ، وَخَدَعَتْكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيا فَاطْمَأْنَنْتُمْ إِليها، فأَصْبَحْتُمْ مِنَ الخَاسِرينَ، فَاليَومَ لا تُخْرَجُونَ منَ النَّارِ، ولا تُرَدُّونَ إِلى الدُّنيا لِتَتُوبُوا وَتَعْمَلُوا صَالحاً. وَلا يُطَلبُ مِنْهُمْ في ذَلِكَ اليَومِ أَنْ يَسْتَرْضُوا رَبَّهم الكَرِيمَ بالاعْتِذارِ إِليهِ لِيُزيلُوا عَتَبَهُ عَلَيهِمْ، لِفَواتِ أَوانِ ذَلِكَ.
غَرَّتْكُمْ- خَدَعَتْكُم بِبَهْرَجِها.
يُستَعْتَبُونَ- يُطْلَبُ مِنْهُم الرُّجُوعُ إِلى مَا يُرْضِي اللهَ.

.تفسير الآية رقم (36):

{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36)}
{السماوت} {العالمين}
(36)- فَلِلَّهِ الحَمْدُ والثَّنَاءُ عَلَى أَنْعُمِهِ وَأَفْضَالِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ، وَخَالِقُهُما وَمَالِكُهُما، وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيءٍ في هذا الوُجُودِ.

.تفسير الآية رقم (37):

{وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)}
{السماوات}
(37)- وَلِلهِ العظِيمِ وَحْدَهُ الجَلالُ والسُّلْطَانُ، فِي السَّمَاواتِ والأَرضِ، وَكُلُّ شَيءٍ خَاضِعٌ لَهُ، فَقِيرٌ إِليهِ، وَهُوَ العَزِيزُ الذِي لا يُمَانَعُ ولا يُغَالَبُ، وَهُوَ الحَكِيمُ في أَفْعَالِهِ وَأَقْوالِهِ.
لَهُ الكِبْرِيَاءُ- لَهُ العَظَمَةُ وَالمُلْكُ وَالجَلالُ.

.سورة الأحقاف:

.تفسير الآية رقم (1):

{حم (1)}
(حَ. مِيم)
(1)- وتُقْرأُ مُقَطَّعةً كُلُّ حَرْفٍ عَلَى حِدَةٍ (حَا- مِيمْ) اللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ.

.تفسير الآية رقم (2):

{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)}
{الكتاب}
(2)- إِنَّ هذا الكِتَابَ أَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالى، العَزِيزُ الذِي لا يغالبا الحَكِيمُ في شَرْعِهِ وَتَدَبِيرِهِ، عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ لِيَكُونَ نَذِيراً لِلنَّاسِ بَيْنَ يَدَي عَذَابٍ أَلِيمٍ.

.تفسير الآية رقم (3):

{مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)}
{السماوات}
(3)- لَم يَخْلُقِ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ إِلا بِالحَقِّ والعَدْلِ وَالحِكمةِ التي اقْتَضَتْها مَشِيئَتُهُ تَعَالى، لا لِلْعَبَثِ وَاللَّهُوِ والتَّسلِيَةِ. وَقَدَّرَ لِهذهِ الكَائِنَاتِ أَجَلاً مُعَيَّناً لِبَقَائِها، لا يَزِيدُ ولا يَنقُصُ، فإِذا حَانَ ذَلِكَ الأَجَلُ قَامَتِ القيامةا وَبُغِثَ الناسُ، وَحُوسِبَ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمْ على عَمَلِهِ في الحَيَاةِ الدنيا وَجُزِيَ بِعَمَلِهِ.
وَمَعَ أَنَّ اللهَ تَعَالى قَدْ نَصَبَ الأَدِلَّةَ لِلْعِبَادِ في الأَنفسُ وفي الآفَاقِ عَلَى وُجُودِهِ، وَوحْدَانِيَّتِهِ، وعظمتها وَقُدْرَتِهِ عَلَى الخَلْقِ، ثمَّ أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلى النَّاسِ بالكُتُبِ مُحَذِّرِينَ وَمنذِرينَ، فَإِنَّ الذِينَ كَفَرُوا استَمَرُّوا في كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبهِمْ وَإِعراضِهِمْ عنْ نُذُرِ اللهِ.
أَجَلٍ- مُسَمىً- هُوَ يَوْمُ القِيَامِةِ.

.تفسير الآية رقم (4):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)}
{أَرَأَيْتُمْ} {السماوات} {بِكِتَابٍ} {أَثَارَةٍ} {صَادِقِينَ}
(4)- قُلْ- يَا مُحَمَّدُ- لِهؤُلاءِ المُشْرِكِينَ: تَأَمَّلُوا في خَلْقِ هذا الكَوْنِ، وَمَا فِيهِ مِنْ كَائِنَاتٍ، ثُمَّ أَخْبِرُوني عَنْ حَالِ الآلِهَةِ التِي تَدْعُونَها مِنْ دُونِ اللهِ، هَلْ خَلَقُوا شَيئاً مِنَ الكَائِنَاتِ المَوْجُودَةِ في الأَرْضِ لِيَسْتَحِقُّوا العِبَادَةَ مِنْ أَجْلِ خَلْقِهِ؟ وَلَوْ أَنَّهم كَانُوا خَلَقُوا شَيئاً لَظَهَرَ التَّفَاوُتُ في الخَلْقِ بينَ مَا خَلَقَ اللهُ، وَمَا خَلَقُوهُ هُمْ.
وَلكِنَّ خَلْقَ الكَونِ مُتَناسِقٌ بديعا وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ نِظَامٍ وَاتّسَاقٍ وَجَمالٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَالَقَهُ وَاحدٌ. وَإِذ ظَهَرَ أَنَّهُمْ لَم يَخلُقُوا شَيئا في الأَرْضِ، فإِنَّهُمْ لا شَرِكَةَ لَهُمْ فِي خَلْقِ شَيءٍ في السَّماواتِ لِيَسْتَحِقُّوا العِبَادَةَ مِنْ أجلِ خَلْقِهِ، أَو الاشتِراكِ في خَلْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ.
إِنَّ المُلْكَ كُلَّهُ للهِ، وَلَهُ وَحْدَهُ التَّصَرُّفُ في الوُجُودِ، فَكَيفَ تَعبُدُونَ مَعَهُ غَيرَهُ؟ وَكَيفَ تُشرِكُونَ الأَصْنَامَ مَعَهُ في العِبَادَةِ؟ وَمَنْ أَرْشَدَكُم إِلى هذا؟ اللهُ سُبْحَانَهُ أَمَركُمْ بِهذا؟ أَمْ هُوَ شَيءٌ اقْتَرَحْتمُوهُ أَنْتُمْ مِنْ عِنْدِ أَنفُسِكُم؟ فَإِذا كَانَ مَا تَقُولُونَهُ عَنْ عِبَادَتِكُمْ لهذِهِ الآلهةِ والأَصْنَامِ والأَوثَانِ حَقّاً، فَهَاتوا كِتاباً مِنْ كُتُبِ اللهِ المُنَزَّلَةِ عَلَى رُسُلِهِ يَأْمُرُكُمْ فِيهِ بِعِبَادَتِها، أَوْ هَاتُوا شَيئاً تَبَقَّى لَكُمْ مِنْ عِلْمِ الأَوَّلينَ المُفَكِّرِينَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُرِشدُ إِلى اسْتِحْقَاقِ الأَصْنَامِ لِلْعِبَادَةِ؟
لَهُم شِرْكٌ- شَرِكَةٌ وَنَصِيبٌ مَعَ اللهِ.
أثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ- بَقِيَّةٍ مِنْ عِلْمٍ عِنْدَكُمْ.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)}
{يَدْعُواْ} {القيامة} {دُعَآئِهِمْ} {غَافِلُونَ}
(5)- وَيُقَرِّعُ اللهُ تَعَالى المشركينا الذِينَ يَتْرُكُونَ عِبَادَةَ اللهِ القَادِرِ القَاهِرِ المُبْدِعِ، وَيَعْبُدُونَ أصْنَاماً وَأَوْثَاناً لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، فَيقُولُ تَعَالى: لا أَحَدَ أَكثَرُ ضَلالاً مِمَّنْ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً هِيَ أَصْنَامٌ وَأوْثَانٌ، لا تَسْمَعُ دَعْوَتَهُم إِذا دَعَوْهَا، وَلا تَسْتَجِيبُ لِدُعَائِهِمْ أَبَدَ الدَّهْرِ (إِلى يَومِ القِيَامَةِ) إِذا دعوها إِذْ إِنَّ هذِهِ الآلِهَةَ في غَفْلَةٍ عَنْ دُعَاءِ مَنْ يَدْعُوها لأَنَّها حِجَارَةٌ صَمَّاءُ لا حَيَاةَ فِيهَا، لا تَسْمَعُ ولا تُبْصِرُ، وَلا تَتَكَلَّمُ.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)}
{كَافِرِينَ}
(6)- وَالمَعْبُودَاتُ التِي يَعبُدُهَا الكَفَرَةُ مِنْ دُونِ اللهِ لا تَنْفَعُ عَابِدِيها شَيْئاً فِي الدُّنْيا وَكَذَلِكَ فَإِنَّها لا تَنْفَعُهُم في الآخِرَةِ، وَسَتَكُونُ عَلَيْهمْ ضِدّاً فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، إِذْ أَنَّها سَتَكْفُرُ بِعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهَا، وَسَتَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ وَهُمْ أَحْوَجُ مَا يَكُونُونَ إِلَيْهَا.

.تفسير الآية رقم (7):

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}
{آيَاتُنَا} {بَيِّنَاتٍ}
(7)- وَإِذا تُلِيَتْ عَلَى هؤُلاءِ الكَافِرِينَ آيَاتُ اللهِ، وَهِيَ بَيِّنَةٌ جَلِيَّةٌ وَاضِحَةٌ، قَالوا: هذا سِحْرٌ وَاضِحٌ يُؤَثِّرُ في النُّفُوسِ، كَما يُؤَثِّرُ السِّحْرُ فِيمَنْ شَاهَدَهُ.

.تفسير الآية رقم (8):

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)}
{افتراه}
(8)- أَم إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحمَّداً افْتَرى القُرآنَ، وَوَضَعهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَنَسَبَهُ إِلى اللهِ تَعَالى. وََيَأْمرُ اللهُ تَعَالى رَسُولَه الكَرِيمَ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَرُدَّ عَلى فِرْيَةِ هؤُلاءِ المُفتَرِينَ، وَأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: لَوْ أَنَّني كَذَبْتُ عَلى اللهِ، وَزَعَمْتُ أَنَّهُ بَعَثَنِي إِليكُم رَسُولاً، وََهُوَ لَم يَبْعَثْنِي رَسُولاً، لَعَاقَبَنِي أَجْرُؤُ عَلَى الإِقدَامِ عَلَى هذِهِ الفِرْيَةِ، وأُعرِّضُ نَفْسِي لِعِقَابِ اللهِ؟ وَاللهُ أَعْلَمُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِما تَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ التَّكْذِيبِ بِالقُرآنِ، والطَّعْنِ في آيَاتِهِ والقولِ إِنَّها سِحْرٌ.
وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً لِي الصِّدْقِ فِيمَا أُبَلِّغُكُمْ عَنْهُ، وَيَشْهَدُ عَلَيكُمْ بِالكُفْرِ والتَّكْذِيبِ، وَهُوَ الغَفُورُ إِن تبتما وأَقْلَعْتُمْ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيهِ مِنَ الكُفْرِ والتَّكْذِيبِ، وَهُوَ الرَّحِيمُ بِعِبَادِهِ يَرْحَمُ التَّائِبِينَ المُسْتَغْفِرِينَ.
تُفِيضُونَ فِيهِ- تَنْدَفِعُونَ فِيهِ طَعْناً وَتَكْذِيباً.

.تفسير الآية رقم (9):

{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)}
(9)- وَقُلْ لَهُمْ يَا مُحمَّدُ: إِنَّني لَسْتُ بِأَوَّلِ رَسُولٍ جَاءَ إِلى الخَلْقِ في الأَرْضِ وَبلِّغَ رِسَالَةً عَنْ رَبِّهِ، فَقَدْ جَاءَتْ رُسُلٌ قَبْلي، وَأَبْلَغُوا أَقْوَامَهُمْ رِسَالاتِ رَبِّهِمْ، وَتَلَوا عَلَيهِمْ آيَاتِهِ وَكُتُبَهُ المُنَزَّلةَ عَلَيهِمْ.
وَأَنا بَشَرٌ لا أَسْتَطِيعُ أَنْ آتيِ بِشَيءٍ مِنْ عِنْدِي، والذِي يُرسِلُ المُعجِزاتِ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ، يُرسِلُها حِينَما يشاءا وأَنا لا أَعْلَمُ مَا يُفْعَلُ بي في الدُّنيا أَأُخْرَجُ مِنْ بَلَدِي أَمْ أُقتَلُ؛ وأَنا لا أَتَّبعُ إِلا مَا يُوحَى إِليَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالى مِنَ القُرآنِ، لا أَبْتَدِعُ شَيْئاً مِن عِندِي، وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ أُنذِرُكُمْ عِقَابَ اللهِ، وَأُخَوِّفُكُمْ مِنْ عذابها وَآتِيكُمْ بِالشَّوَاهِدِ الوَاضِحَةِ عَلَى صِدْقِ مَا جِئْتُكمْ بِهِ.

.تفسير الآية رقم (10):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}
{أَرَأَيْتُمْ} {إِسْرَائِيلَ} {فَآمَنَ} {الظالمين}
(10)- قُلْ يَا مُحمَّدُ لهؤُلاءِ المُشْرِكِينَ الكَافِرِينَ بالقُرآنِ: أَخْبِرُوني عَنْ حَالِكُمْ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ هذا القُرآنَ مُنزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ تعالى وأَنَّهُ لَيْسَ بِسِحْرٍ وَلا مُفْتَرًى عَلَى كَمَا تَزْعمُونَ، ثُمَّ كَذَّبْتُمْ أَنْتُمْ بها وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ عُلَماءِ بَني إِسْرائِيلَ عَلَى أَنَّ هذا القُرآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، فآمَنَ هُوَ بِهِ، واسْتَكْبَرتُمْ أَنْتُمْ عَنِ الإِيمَانِ بِهِ، أَفَلا تَكُونُونَ أَضَلَّ النَّاسِ وأَظْلَمَهُمْ؟ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمينَ.
(وَقِيلَ إِنَّ هذا الشَّاهِدَ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ هُوَ عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ، وَكَانَ حَبراً مِنْ أَحْبَارِ اليَهُودِ ثُمَّ أَسْلَمَ).

.تفسير الآية رقم (11):

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)}
{آمَنُواْ}
(11)- وَقَالَ مُشْرِكُو مَكَّةَ اسْتِهْزاءً بِالمُؤْمِنينَ، واسْتِعْلاءً عَلَيهِمْ: لَوْ كَانَ مَا أَتَى بِهِ مُحمَّدٌ حَقّاً، مَا سَبَقَنَا إِليهِ فُقَرَاءُ المُؤْمِنينَ، وضعفاؤهما وَعَبِيدُهُمْ (مِثْلُ بِلالٍ وَصُهَيبٍ وَعَمَّارٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ..) لأَنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ أَعَالِي الأُمُورِ لا يَنَالُها إِلا أَصْحَابُ الجَاهِ والسلطانا وَأَصْحَابُ مُحمَّدٍ أكثَرُهُمْ فُقَرَاءُ وَعَبيدٌ، لِذَلِكَ استَبْعَدَ رُؤُوسُ الشِّرْكِ أَنْ يَسْبِقَهُمْ غَيرُهُم إِلَى الخَيْرِ، وَإِلى الحَقّ. وَبِمَا أَنَّهُم لم يَهْتَدُوا، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِرِسَالَةِ مُحمَّدٍ وقرآنها فَسَيقُولُونَ: هذا كَذِبٌ قَدِيمٌ مِنْ أَسَاطِيرِ الأَوَّلِينَ.
إِفْكٌ قَدِيمٌ- كَذِبٌ مُتَقَادِمٌ.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)}
{كِتَابُ}
(12)- وَقَبْلَ هذا القُرآنِ، الذِي يُكَذِّبُ بِهِ المَلأُ مِنْ قُرَيشٍ، أَنْزَلَ اللهُ التَّورَاةَ عَلَى عَبْدِهِ مُوسَى، وَجَعَلَهَا إِماماً وقُدْوَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلِ وَرَحْمَةً لَهُمْ. وَقَدْ أَشَارَتِ التَّوراةُ إِلى مَبْعَثِ مُحمَّدٍ، وَرِسَالتِهِ، وَصِفَاتِهِ. وَبِما أَنَّ المُشْرِكِينَ لا يُمَارُونَ في أَنَّ التَّورَاةَ مُنَزَّلةٌ مِنْ عِندِ اللهِ، وَبما أَنَّ التَّورَاةَ بَشَّرَتْ بِمُحَمَّدٍ وَكِتابِهِ، فَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحمَّدٌ صَادِقاً في رِسَالَتهِ، وَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هذا القُرآنُ مُنَزَّلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالى.
وَقَدْ أَنْزَلَهُ اللهُ بِلِسَانٍ عَرَبيٍّ لِيُنْذِرَ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالشِّرْكِ، وَليبشِّرَ المُؤمِنينَ المُحْسِنينَ بِأَنَّ لَهُمُ الثَّوابَ الجَزِيلَ عِنْدَ اللهِ تَعَالى.
وَقَدْ جَاءَ القُرآنُ مُوَافِقاً لما جَاءَ في التَّوراةِ، وَمُصَدِّقاً لَها فِيما جَاءَتْ بِهِ، مَعَ أَنَّها نَزَلَتْ بالعبرانيةا والقُرآنُ جَاءَ بالعَرَبِيَّةِ، فَتَوَافقُهُمَا في الأغْراضِ وَالأَفكَارِ والمبَادِئِ الأَسَاسِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى وَحدَةِ المَصْدَرِ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى.